سوره الاسراء ٩-١٢
{إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا (9) وَأَنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (10) وَيَدْعُ الْإِنْسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الْإِنْسَانُ عَجُولًا (11) وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا (12)}
.شرح المفردات والتراكيب :
{للتي هي اقوم}: أي الطريقة التي هي أعدل وأصوب.
{إن لهم أجراً كبيراً}: أنه الجنة دار السلام.
{اعتدنا لهم كبيراً}: انه عذاب النار يوم القيامة.
{ويدع الإنسان بالشر}: أي على نفسه وأهله إذا هو ضجر وغضب.
{وكان الإنسان بالشر}: أي سريع التأثر بما يخطر على باله فلا يتروى ولا يتأمل.
{آيتين}: أي علامتين دالتين على وجود الله وقدرته وعلمه ورحمته وحكمته.
{فمحونا آية الليل}: أي طمسنا نورها بالظلام الذي يعقب غياب الشمس.
{عدد السنين والحساب}: أي عدد السنين وانقضائها وابتداء دخولها وحساب ساعات النهار والليل وأوقاتها كالايام والأسابيع والشهور.
.تفسير الآيات:
يخبر تعالى ان هذا القرآن الكريم الذي أنزله على عبده ورسوله محمد صلى الله عليع وسلم الذي أسرى به ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى يهدي بما فيه من الدلائل والحجج والشرائع والمواعظ للطريقة والسبيل التي هي أقوم أي أعدل واقصد من سائر الطرق والسبيل انها الدين القيم الإسلام سبيل السعادة والكمال في الدارين، {وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات} أي وبشر القرآن الذين أمنوا بالله ورسوله ولقاء الله ووعده ووعيده وعملوا الصالحات وهي الفرائض والنوافل بعد تركهم الكبائر والمعاصي بأن لهم أجراً كبيراً الا وهو الجنة، كما يخبر الذين لا يؤمنون بالآخرة ان الله تعالى أعد أي هيأ لهم عذاباً أليماً في جهنم.
وقوله تعالى: {ويدع الإنسان بالشر دعاءه بالخير} يخبر تعالى عن الإنسان في ضعفه وقلة إدراكه لعواقب الأمور من أنه إذا ضجر أو غضب يدعو على نفسه وأهله بالشر غير مفكر في عاقبة دعائه لو استجاب الله تعالى له. يدعو بالشر دعاءه بالخير أي كدعائه بالخير، وقوله: {وكان الإنسان عجولاً} أي كثير العجلة يستعجل في الأمور كلها هذا طبعه ما لم يتأدب بآداب القرآن ويتخلق بأخلاقه فإن هو استقام على منهج القرآن تبدل طبعه وأصبح ذا توارة وحلم وصبر وأناة. وقوله تعالى: {وجعلنا الليل والنهار آيتين} أي علامتين على وجودنا وقدرتنا وعلمنا وحكمتنا، وقوله: {فمحونا آية الليل} أي بطمس نورها، وجعلنا آية النهار مبصرة أي مضيئة وبين علة ذلك بقوله: {لتبتغوا فضلاً من ربكم} أي لتطلبوا رزقكم بالسعي والكسب في النهار، هذا من جهة ومن جهة أخرى {لتعلموا عدد السنين والحساب} أي عدد السنين وانقضائها وابتداء دخولها وحساب ساعات النهار والليل وأوقاتها كالايام والاسابيع والشهور. لتوقف مصالحكم الدينية والدنيوية على ذلك. وقوله تعالى: {وكل شيء فصلناه تفصيلاً} أي وكل يحتاج اليه في كمال الإنسان وسعادته بيناه تبيناً أي في هذا الكتاب الذي يهدي للتي هي أقوم.
.من هداية الآيات:
1- بيان فضل القرآن الكريم، بهدايته إلى الإسلام الذي هو سبيل السعادة للانسان.
2- الوعد والوعيد بشارة المؤمنين العاملين للصالحات، ونذارة الكافرين باليوم الآخر.
3- بيان طبع الإنسان قبل تهذيبه بالآداب القرآنية والأخلاق النبوية.
4- كون الليل والنهار آيتين تدلان على الله تعالى وتقرران علمه وقدرته وتدبيره.
5- مشروعية علم الحساب وتعلمه.